مجلس مسلمي أوكرانيا

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...

فضل ليلة القدر

2015.07.11 / 1101

فضل ليلة القدر كثير وعظيم ففيها العطايا والمنح ومنها:

1- أن الله تعالى أنزل القرآن الكريم في هذه الليلة، كما قال تعالى:

﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1].

فالصحيح المعتمد كما قاله ابن حجر - رحمه الله - في "شرح البخاري" وكما صحَّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن القرآن الكريم أُنْزِل في ليلة القدر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلي بيت العزة في السماء الدنيا".

وقيل: هي الليلة التي بدأ نزول القرآن فيها على قلب سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم.

وقيل: هي الليلة التي أمر الله سبحانه القلم فيها أن يكتب القرآن في اللوح المحفوظ.

فعلى أية حال: فهي الليلة التي حظيت بساعة الفصل من عالم الغيب المكنون إلي عالم الشهادة الموجود.

فهي الليلة التي حظيت بنزول القرآن الكريم فيها، وهو حدث عظيم لم تشهد الأرض ولا السماء مثله في عظمته.

وكأن هذه الليلة لها قدر عند الله منذ الأزل، وقد ازدادت قدرًا على قدر بنزول القرآن فيها، وحظيت بهذا الشرف فوق شرفها الأول، وأصبحت سيدة الليالي.

وهذا يجرّنا إلى الفضيلة الثانية وهي:

2- أن الله - سبحانه وتعالى - العظيم؛ عظَّم شأنها وذكرها بقوله: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾ أي: أن دراية علوها ومنزلتها خارج عن دائرة دراية الخلق، فلا يعلم ذلك إلا علام الغيوب جل جلاله.

3- إن العبادة والعمل الصالح فيها: من الصيام والقيام والدعاء وقراءة القرآن خيرًا من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، قال تعالى:

﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3].

قال ابن جرير الطبري - رحمه الله - في "تفسيره" (30/167):

"عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر" وهذا الذي صوَّبه ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره.

4- ليلة القدر لا يخرج الشيطان معها:

ودليل ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إن الشمس تطلع كل يوم بين قرني الشيطان إلا صبيحة ليلة القدر".

وفى رواية عند الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ".

وفى رواية ابن حبان عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها".

ولذلك قال رب العالمين فيها: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾ [القدر: 5].

فهي ليله كلها خير وسلام، سالمة من الشيطان وأذاه.

قال الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما-:

"في تلك الليلة تُصفَّد مردة الجن، وتُغلُّ عفريت الجن".

وقال مجاهد: "هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوء ولا يحدث فيها أذى".

وقال أيضًا: "لا يُرسَل فيها شيطان ولا يحدث فيها داء".

ويروى عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال:

"لا يستطيع الشيطان أن يصيب فيها أحدًا، أو داء، أو ضرب فساد، ولا ينفذ فيها سحر ساحر".

5- أن الملائكة والروح تَنَزَّل في هذه الليلة، قال تعالى:

﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]، والمقصود بالروح: هو جبريل عليه السلام.

وأخرج ابن خزيمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى، والملائكة تنزل بالرحمات والبركات والسكينة، وقيل: تتنزل بكل أمر قضاه الله وقدره لهذه السنة".

6- أن الأمن والسلام يحل في هذه الليلة على أهل الإيمان، قال تعالى:

﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾ [القدر:5]، واختلفوا في تفسير هذه الآية على أقوال:-

فقيل: سلام من الشر كله، فلا يكون فيها إلا السلامة، وقيل: تنزل الملائكة في هذه الليلة تسلم على أهل الإيمان، وقيل: لا يستطيع الشيطان أن يمسَّ أحدًا فيها بسوء، وقيل غير ذلك.

7- أنها ليلة مباركة:

قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان: 3].

قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: يعني ليلة القدر.

8- أن مَن قامها إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه:

فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".

9- يتم فيها تقدير مقادير السنة، قال تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4].

قال ابن رجب - رحمه الله - كما في "لطائف المعارف" (1/231):

روي عن عكرمة وغيره من المفسرين في قوله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4].

أنها ليلة النصف من شعبان، والجمهور: على أنها ليلة القدر، وهو الصحيح. اهـ.

وأخيرًا نقول لكل مَن فرَّط وضيَّع: اِسْتَدْرِك ما فاتك في ليلة القدر، فالعمل فيها خير من ألف شهر سواها، فمَن حُرِمَ خيرها فهو المحروم، كما أخبر الحبيب - صلى الله عليه وسلم.

فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، افْتَرَضَ الله عليكم صيامه، يُفتَّح فيه أبواب الجَنَّة ويُغَلَّق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرِمَ خيرها فقد حًرِم".

وأخرج ابن ماجه عن أنس - رضي الله عنه - قال: "دخل رمضان فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرِمَها فقد حُرِمَ الخير كله، ولا يُحْرَم خيرها إلا محروم". (صحيح الجامع: 2247).

لاخوة الكرام...

ليلة القدر يفتح فيها الباب، ويقرب فيها الأحباب، ويسمع الخطاب، ويرد الجواب، ويكتب للعاملين فيها عظيم الأجر، ليلة القدر خير من ألف شهر، فاجتهدوا - رحمكم الله - في طلبها، فهذا أوان الطلب، واحذروا من الغفلة، ففي الغفلة العطب.

 

وقفة:

وهذه العطايا والمنح الربانية والهبات الإلهية تجعلنا نتحرَّى ونلتمس ليلة القدر امتثالًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابت في "صحيحي البخاري ومسلم" من حديث عائشة - رضي الله عنها-:

"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".

وكذلك عملًا بقوله تعالى: ﴿ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 187].

قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ﴾، يعني: الولد.

(روي هذا عن مجاهد وعكرمة والحسن البصري).

وقيل: ﴿ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ ﴾، تعني: ليلة القدر (روي هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما).

والتحقيق أن يقال: لما خفَّف الله عن الأمة بإباحة الجماع ليلة الصيام إلي طلوع الفجر، وكان المجامع يغلب عليه حكم الشهوة وقضاء الوطر حتى لا يخطر بقلبه غير ذلك، أرشدهم - سبحانه وتعالى - إلى أن يطلبوا رضاه في مثل هذه اللذة ولا يباشروها بحكم مجرد الشهوة.

بل يبتغوا بها ما كتب الله لهم من الأجر.

ويبتغوا بها الولد الذي يخرج من أصلابهم يعبد الله ولا يشرك به شيئًا.

ويبتغوا بها ما أباح الله لهم من الرخصة بحكم محبته لقبول الرخصة، فإن الله يحب أن يُأْخَذَ بِرُخَصِهِ كما يكره أن تُؤْتَى معصيته.

اللهم بلغنا أجر ليلة القدر

 

 

   

أرقام وعناوين مقر المجلس في العاصمة كييف:
Dehtyarivska Str., 25-a, kyiv 04119
هاتف: 4909900-0038044
فاكس: 4909922-0038044
البريد الإلكتروني: info@muslims.in.ua

مواقع وصفحات صديقة: