مجلس مسلمي أوكرانيا

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...

إضافة تعليق

2012.02.03 / 2058

بقلم: د. عماد أبو الرُب - رئيس اللجنة الشرعية في أوكرانيا

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وبعد:

إنّ محبّة النبي عليه الصلاة والسلام واجبة على كل مسلم لما ورد في كتاب الله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، ولما صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين) رواه البخاري.

وإن كان هناك احتفال أو لقاء بهذه المناسبة فلا بد أن تخلو من أي محرّم يخالف الشريعة، فيمكن اغتنام فرصة إقبال الناس واستعداد قلوبهم للتعرّف على رسولهم ونبيهم الكريم بقراءة شيء من القرآن الكريم وإلقاء الدروس والمواعظ وإلقاء القصائد والأناشيد وتوزيع النشرات والكتب والمواد المقروءة والمسموعة والمرئية عن النبي الكريم، وكل هذا بالطبع ليس من باب أنه واجب أو سنّة.

وهناك من غالى في حب النبي صلى الله عليه وسلّم حيث قال فيه ما لا يجوز شرعاً وهذا ما نهانا عنه  حين قال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله) رواه البخاري.

وهناك من تشدّد في المسألة وحرّم الاحتفال بأي شكل واعتبره بدعة وضلالة دون إلمام لآراء السلف والخلف، وأنقل بعض ما قالوا لندرك المسألة من جميع جوانبها:

1- السيوطي، حيث قال في كتابه (حسن المقصد في عمل المولد، ص4): "عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف".

2- ابن حجر العسقلاني، حيث قال الحافظ السيوطي في نفس الكتاب السابق ص10: "وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال: وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة".

ومن المعاصرين:

1- حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر، حيث قال: "إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما يكون بذكر الله تعالى وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود، ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات. ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم، وصلة الأرحام، والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة" (فتاوى شرعية وبحوث إسلامية، ج1، ص131).

2- الشيخ العلّامة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث قال عن ذكرى المولد: "إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟"(موقع القرضاوي: الاحتفال بمولد النبي والمناسبات الإسلامية).

3-  الشيخ د. علي جمعة مفتي مصر، حيث قال: "الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان" (البيان لما يشغل الأذهان، ج1، ص157).

4- الشيخ د. وهبة الزحيلي، حيث قال: "إذا كان المولد النبوي مقتصرًا على قراءة القرآن الكريم، والتذكير بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، وترغيب الناس في الالتزام بتعاليم الإسلام وحضّهم على الفرائض وعلى الآداب الشرعية، ولا يكون فيها مبالغة في المديح ولا إطراءٌ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبد الله ورسوله)، وهذا إذا كان هذا الاتجاه في واقع الأمر لا يُعد من البدع" (الجزيرة نت: حلقة البدعة ومجالاتها المعاصرة مع الدكتور وهبة الزحيلي).

وعلى ذلك لا ضير في إقامة البرامج من دروس ومواعظ وجلسات إيمانية ومسابقات دينية وثقافية تعزز من تعرّفنا وتعرّف المسلمين وغير المسلمين على رسول الإنسانية الذي أرسله الله رحمة للعالمين.

وأعتبر أن من أهمّ ما يتوجّب على المسلم تجاه حبيبيه ونبيّه محمد عليه الصلاة والسلام الآتي:

1- أن نؤمن به عليه الصلاة والسلام وأن نصدّقه في كل ما جاء به ،قال تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

2- وجوب طاعته والحذر من معصيته (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).

3- الاقتداء به وإتباع منهجه، لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

4- أن نحبه أكثر من أنفسنا وأولادنا وأموالنا لما أخبر عنه صلى الله عليه وسلّم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) متفق عليه.

5- الصلاة والسلام عليه، لقوله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

6- نصرة دعوته ورسالته والدفاع عن سنته ونشرها وتبليغها، خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بذلك في أحاديث كثيرة كقوله: (فليبلغ الشاهد الغائب)، وقوله: (بلغوا عني ولو آية).

رحمك الله يا حبيبي يا رسول الله يا أبا القاسم، نسأل المولى جلّ في علاه أن يجمعنا عند حوضك الشريف، وأن نشرب من يدك شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً. اللهم آمين... اللهم آمين...

اتحاد "الرائد" - القسم الثقافي

رمز التأكد:
السؤال أدناه يهدف إلى التأكد أن من يقوم بكتابة التعليق زائر للموقع، وليس برنامجا يرسل الرسائل المزعجة إلى بريد إدارة الموقع.

   

أرقام وعناوين مقر المجلس في العاصمة كييف:
Dehtyarivska Str., 25-a, kyiv 04119
هاتف: 4909900-0038044
فاكس: 4909922-0038044
البريد الإلكتروني: info@muslims.in.ua

مواقع وصفحات صديقة: